دراسة :القوانين المنظّمة لملكيّة الشقق المكوّنة للعمارة (ملكيّة الطبقات) في تونس

شهدت ملكية الطبقات في تونس انتشارا كبيرا منذ بداية القرن العشرين مثل أغلب بلدان العالم وهذا يعود الى تزايد الكثافة السكانية خاصة بالمدن الكبرى وكذلك نتيجة تقلص مساحة الأراضي الصالحة للبناء مما افضى الى انتشار ملكية الطبقات والذي استلهمه المشرع التونسي من التشريع الفرنسي الذي كان سباقا في تقنين وتنظيم الإستغلال والإنتفاع بهذه الملكية. ويقوم النظام القانوني لملكية الطبقات على تعايش صنفين من الملكية بالنسبة لعقار واحد اذ تستوجب هذه الملكية تواجد ملكية مفرزة للشقق المكونة للعمارة (مبحث اول ) مع ملكية مشاعة ومشتركة لأجزاء تلك العمارة معدة للإستعمال المشترك من قبل مالكي الأجزاء المفرزة بالعمارة (مبحث ثاني).

I) ملكية الأجزاء المفرزة :

ان هذا الصنف من الملكية يتماهي في مفهومه العام مع حق الملكية الفردي حيث يمارس المالك حقه على هذه الأجزاء المفرزة ويختص بها لوحده دون سـواه لـذلك سنتعرض الى تحديد طبيعة هذا النوع مـن الأجزاء في فقرة (أ) ثم النظام القانوني لهذه الأجزاء فقرة (ب) .

أـ تحديد طبيعة الأجزاء المفرزة :

المشرع لم يعرف الأجزاء المفرزة المعدة للإستعمال الخاص بصفة مباشرة لكن الفصل85م ح ع ينص في فقرته الأولى على ان مالكي الشقق او الطوابق « عدوا شركاء في ملكية الأرض المقام عليها البناء وفي أجزائه المشتركة غير المعدة للإستعمال الخاص لأحدهم او لمنفعته »  ضمنيا وبقراءة عكسية للنص القانوني يتضح ان المشرع عرف الأجزاء المفرزة ولكن بصفة غير مباشرة وذلك عن طريق استبعاد الأجزاء المشاعة والمشتركة بما يعني انه اذا كانت الأجزاء المشاعة ليست مخصصة للإستعمال والمنفعة الخاصة ولا يمكن لأي مالك من المالكين ان يستأثر بها لنفسه وحده فإن الأجزاء المفرزة يمكن تعريفها حينئذ بانها الأجزاء المخصصة للإستعمال والمنفعة الشخصية لأحد المالكين وبذلك يكون المشرع قد اعتمد معيارين لتحديد طبيعة الأجزاء المفرزة وتمييزها على الأجزاء المشتركة وهما معياري الإستعمال والمنفعة وبحيث تكون هذه الأجزاء ملكا خاصا ينفرد ويختص به صاحب الإنتفاع دون سواه من المالكين مما يخول له استعماله بالكامل وعلى الشكل الذي يمنحه حق الملكية من سلطات وهذا ما أكدته محكمة التعقيب في قرارها المؤرخ في 04 ماي 1989 حيث اعتبرت أن « الشقة وحدة عقارية مستقلة بذاتها عن بقية الشقق الأخرى « ورغم ان المشرع لم يعط مفهوم للإستعمال الـخاص والمـنفعة الخـاصة الـمنصوص عـليهما بالفصل 85م ح ع فإن فقه القضاء قد حسم ذلك بمناسبة تحديد طبيعة الأجزاء المتنازع في شأنها هل أنها مفرزة أو مشاعة ومشتركة باعتماد معياري الإستعمال والمنفعة السابق ذكرهما فان كانت هذه الأجزاء مخصصة ومعدة للإستعمال الشخصي لمالك واحد دون آخر فهو ملك مفرز (مثل الشقق والمزدووج والمحلات التجارية والمكاتب وغيرها ) وكل ما تحتويه من الداخل وما يتبعه من شرفات وعرف وفواصل وان كانت مخصصة للإستعمال العام لجميع المالكين او لبعضهم فهو ملك مشترك.

ـ ب ـ النظام القانوني للأجزاء المفرزة:

ان ملكية الأجزاء المفرزة هي ملكية فردية تخول لصاحبها جميع خصائص حق الملكية المنصوص عليها بالفصل 17من مجلة الحقوق العينية والذي ينص على أن « الملكية هو الحق الذي يخول صاحب الشيء وحده استعماله واستغلاله والتفويت فيه « . الا انه وتبعا لخصوصية ملكية الطبقات التي تتميز بازدواجية بين الأجزاء المفرزة واخرى مشتركة فانه يتعين على مالك الجزء المفرز ان لا يضر بملكية بقية المالكين بمناسبة استعماله لحقه المخصص له فلا يجب ان يمس من سلامة العمارة والأجزاء المشتركة عند قيامه بتحسينات او تغييرات على ملكه الخاص غير انه في المقابل لا يجوز للمالكين بالعمارة فرض قيود او طريقة معينة على استعمال الفرد لأجزائه المفرزة مالم يتعدى هذا الإستعمال اوالإنتفاع على حقوق بقية الشركاء في ملكية الطبقات ولم يتعارض مع القواعد والضوابط التي حددها  نظام الإشتراك في الملكية باعتبار ان هذا الأخير يضبط الإستعمال الأصلي الذي لا يمكن لمالك الشقة ان يخالفه وهذا ما نص عليه الفصل 90 م ح ع كما حجر المشرع بالفصل 102من م ح ع على مالك الشقة احداث تغيير على المظهر الخارجي للشقة الا بعد الحصول على ترخيص مسبق من السلطة الإدارية المختصة ويعد تغييرا لصبغة العقار على معنى هذا الفصل تحويل هذه الأجزاء الى محل حرفة أو ادارة أو تجارة او أي نشاط آخر مغاير لصبغته الأصلية او امتهان كرائها شققا مؤثثة لمدة قصيرة لا تتجاوز الشهر .

وحيث ان المشرع بالإضافة الى هذا المنع والتحجير رتب عقوبات لكل مخالفة لأحكام الفصل 102 م ح ع وهذا التدخل التشريعي للحد من حرية التصرف في الأجزاء المفررزة في ملكية الطبقات يجد تبريره  في الحفاظ على الاستعمال السليم للشقة او المحل مثلما تم الإتفاق عليه بنظام الإشتراك في الملكية ودون الإضرار بمصلحة مجموعة المالكين بالعمارة وهذا ما اكده المشرع من خلال احكام الفصل 100 م ح ع الذي اعتبر ان كل تفويت او قسمة او انشاء حق عيني يتعلق بموضوع الرسم المفرز يشمل قانونا ما يتبعه من حقوق على الأجزاء  المشتركة ولا يجوز اصلا طلب قسمة الأجزاء المشتركة او ما يتبعها صفقة وكل شرط مخالفا لذلك يعد لاغيا .

II) الأجزاء المشاعة والمشتركة :

ان الأجزاء المشتركة تتمثل اساسا في الأجزاء المتبقية في العمارة بعد استخراج القطع المفرزة فما هي طبيعة الأجزاء المشتركة (ا) وما هي أشكال ادرة الملكية المشتركة (ب).

ـ أ ـ تحديد طبيعة الأجزاء المشتركة :

نص الفصل 85 من م ح ع على أن المالكين في ملكية الطبقات

« عدوا شركاء في ملكية الأرض المقام عليها البناء وفي أجزائه المشتركة غير المعدة للإستعمال الخاص لأحدهم أو لمنفعته  » وبمعنى ان تحديد محتوى الأجزاء المشاعة والمشتركة يقوم هو الآخر على معياري الإستعمال والإنتفاع فما لم يعد للإستعمال الخاص كجزء مفرز ويعتبر جزء مشاع ومشترك ينتفع به جميع المالكين أو بعضهم  كلا حسب نسبة استحقاقه في الأجزاء او القطعة المفرزة التي استأثر بها لنفسه

وخلافا للأجزاء المفرزة فان الفصل 85 م ح ع في فقرته الثانية تعرض الى تعداد الأجزاء المشتركة « كالمباني والأراضي » والمساحات والفضاءات والممرات والمعابر والقنوات والمصاعد والمدارج والسطوح والصحون وغيرها مالم يقع الإتفاق على غير ذلك وما يمكن استنتاجه هو وجود اجزاء مشتركة لم تعد للإستعمال والمنفعة الخاصة لأحد المالكين فقط ولكنها في المقابل غير  معدة لاستعمال كافة الشركاء بل فقط البعض منه ومثال ذلك المصاعد المعدة لمالكي الطوابق العليا كذلك الشأن بالنسبة للحواجز الفاصلة بين شقتين او محلين حيث تكون ملكيتها مشتركة بين مالكيها فقط

ـ ما يمكن اثارته بمناسبة تحديد محتوى الأجزاء المشتركة انه بالرجوع لأحكام الفقرتين الأولى والثانية من الفصل 85 م ح ع المتعلقة بتعريف الأجزاء المشاعة يتضح ان المشرع قد نص على القاعدة وهي ان الأجزاء غير المعدة للإستعمال الخاص لأحدهم اولمنفعته تعد اجزاء مشاعة مشتركة وهذه القاعدة ادخل عليها المشرع في نفس الفصل استثناء بقوله مالم ينص على خلاف ذلك بسند التملك ، بمعنى ان الأجزاء المشتركة يمكن الإتفاق في شانها ويتم اسنادها لأحد مالكي القطع المفرزة ليستاثر بها دون سواه بعنوان حق استغلال خاص

Droit de jouissance privative) ) كأن يخص أحد المالكين بالعمارة( بحق استعمال سطح العمارة او جزء من سطح العمارة خاصة لنفسه ودون غيره من المالكين وعلى أي حال فان ملكية الأجزاء المفرزة تعد الأصل في حين تتبعها ملكية الأجزاء المشتركة فكل تفويت او قسمة او انشاء حق عيني يتعلق بموضوع ملكية الجزء المفرز يشمل بالضرورة ملكية الأجزاء المشاعة والمشتركة التابعة له .

ـ ب ـ النظام القانوني للأجزاء المشتركة :

لا يمكن الحديث عن الأجزاء المشاعة والمشتركة بالعمارة او بالمركب بمعزل عن الأجزاء المفرزة وذلك تطبيقا لقاعدة الأصل يتبع الفرع ويفيد هذا المبدأ وجود مكونين الأول يمثل الأصل المتبوع وهو الجزء المفرز والثاني يكتسي طابع تبعي متفرع ويسمى التابع .

وبالتالي فان هذا الأخير (الفرع ) لا يقوم بنفسه بل نشأ تبعا لوجود الأصل وتطبيقا لذلك فإن النظام القانوني المنطبق على كليهما هو نفسه ولا محال باي حال للإختلاف بينهما وبالعودة الى دارسة ملكية الطبقات سنجد حتما ان المشرع قد اخضع هذا الصنف الخاص من الملكية الى هذه القاعدة لوجود رابطا بين الأجزاء المفرزة والأجزاء المشاعة والمشتركة لملكية العمارة او مجموعة العمارات او المركب العقاري وقد أخضع هذا الرابط الى قاعدة الفرع يتبع الأصل فاعتبر ان الأجزاء المفرزة هي الأجزاء الأصلية وأن الأجزاء المشتركة هي توابع للأجزاء المفرزة  وبالتالي فان الشقة هي الجزء الأصلي الذي يتسلط عليه حق الملكية اما الأجزاء المشتركة فهي تعتبر فرعية وتابعة للأصل وتاكيدا على النظام القانوني الثنائي المنطبق في ملكية الطبقات وهو ما يعني قبول فكرة وجود اجزاء مشتركة للعمارة يتم من خلال تكريس لوجود اجزاء مفرزة أي انه في غياب الأجزاء المفرزة لا يمكن الحديث عن ملكية الطبقات بل تكون هذه الوضعية خاضعة للقواعد العامة المنظمة لحالة الشيوع التي نص عليها الفصل 56 م ح ع وما بعده من مجلة الحقوق العينية ولا مجال للحديث عن الفصول 85 وما بعده المنظمة لملكية الطبقات وتكريسا لهذا المبدا يؤكد المشرع بالفقرة الثانية من الفصل 85 م ح ع على ان حقوق المالك تقدر في الأجزاء المشتركة بنسبة الجزء المفررز الذي له في العمارة ما لم يوجد اتفاق على غير ذلك وتضيف الفقرة الأولى من الفصل 88 م ح ع على كل مالك أن يساهم في تكاليف حفظ الأجزاء المشتركة وصيانتها وترميمها وادارتها ويكون نصيبه في هذه التكاليف بنسبة الجزء المفرز الذي له في العمارة مالم يوجد اتفاق على غير ذلك ما يمكن استنتاجه من خلال هذا الإختبار التشريعي ان جعل من العمارة وحدة متكاملة بجمع بين نوعين من الأجزاء الواحد منها موجود لخدمة الاخر .وفي هذا السياق أوجب المشرع بالفصل 90من م ح ع اشهار نظام الإشتراك في الملكية يسجل الملكية العقارية إذا تعلق الأمر بعقار مسجل وذلك للتنصيص عليه بالرسوم العقارية المعنية.

كما يضبط النظام وبصفة دقيقة كيفية ادارة الأجزاء المشتركة وحدود استعمال المالك للجزء المفرز الراجع له وطريقة المساهمة في مصاريف صيانة وحفظ الأجزاء المشتركة

ويعتبر نظام الإشتراك في الملكية بمثابة القانون الأساسي STATUT يضبط قواعد ادارة الأجزاء المشتركة وبصفة عامة حسن الإنتفاع بالعقار المشترك ويصدر هذا النظام على المالكين اذ أجاز المشرع في الفصل 91 من م ح ع لأغلبية المالكين أن تقوم بوضع او تعديل القواعد الخصوصية لنظام الإشتراك في الملكية ولكل واحد منهم عدد من الأصوات يقابل نسبة ملكيته في الأجزاء المشاعة والمشتركة بالعمارة او بالمركب ويلزم قرار الأغلبية جميع المالكين وكل من انجر له حق منهم كمشتري الشقة الموجودة بالعمارة مثلا.

الصادق اللواتي 

كاتب عام النقابة العامة للملكية العقارية

رئيس مصلحة ومحرر عقود بالإدارة الجهوية للملكية العقارية بنابل



Partager cette page
NEWS DU 16-03-2020
NEWS DU 11-03-2020
NEWS DU 09-03-2020
NEWS DU 06-03-2020
Courtier Immobilier Financement de l'immobilier Interviews Les Foires Promotion immobilière
تونس: المضاربات تدفع الإيجارات إلى مستويات قياسية
بورصة تونس تتراجع للحصة الخامسة على التوالي
وكالة فيتش : توقيع تونس لاتفاق زيادة الأجور يقربها من قرض النقد الدولي
Bricolage Lamasat LE MAGAZINE Santé dans l'immobilier Techniques de jardinage
EMISSION 5
EMISSION 4
Emission 3
Le monde de l'architecture Les techniques de construction Musées du monde Villes du monde
L’univers du granite
Musée d’Art moderne
Toulouse la ville rose