أشهرت السلطات العمومية، السيف من غمده دون رجعة، في عمليات مداهمة وتهديم البنايات والفيلات غير الشرعية التي أنجزت في وقت سابق فوق أراضي تابعة للدولة، دون دفاتر عقارية أو رخص بناء، وبعقارات لطالما أسالت لعاب بارونات، تلاعبوا بأراضي ومساحات، أغلبها تقع بالمناطق الساحلية والقرب منها، ضمن عمليات وصفت بـ”النوعية”، أخلطت أوراق المتلاعبين وأيقظت جفونهم وجعلت كل من تخول له نفسه التفكير في نهب العقار أن يحسب للأمر ألف حساب
قرارات الهدم التي انطلقت من عاصمة البلاد منذ أشهر، تبعا لتعليمات وزارة الداخلية ومستمرة إلى غاية كتابة هذه الأسطر، رافقها ترحيب من طرف الكثير من المواطنين الذين أشادوا بمثل الإجراءات التي من شأنها إعادة التحكم في العقار سواء الفلاحي أو السياحي بعد سنوات من التسيير الفوضوي، أعقبه تشوه في المنظر الجمالي للمدن، سواء من ناحية البناء البعيد عن المعايير من حيث الطوابق أو السلامة الأمنية بين الجيران وغيرها من الأمور التقنية المنتهكة، خلال سنوات الفوضى المرافقة للأزمة الأمنية التي مرت بها الجزائر، حتى أن الغابات القريبة من السواحل لم تسلم من الأمر، وهو القرار الذي شدد عليه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال اجتماع مجلس الوزراء الأخير، حيث أعطى أوامر بان تكون عمليات هدم البنايات المأهولة غير الشرعية وفق مخطط مدروس بدقة، يحضره الولاة ثم يرفعونه إلى وزير الداخلية للبت فيه نهائيا بعد استنفاذ كل سبل التسويات الإدارية القانونية، وتجميد عملية الطرد في فصل الشتاء وهو ما لقي استحسان المواطنين وإشادتهم بـ “أنسنة” العملية
تعبيد الطريق لمحاربة مافيا العقار
وأشادت الكثير من التصريحات بالإجراءات الأخيرة التي تعني محاربة البناء الفوضوي بعد سنوات من “الإغفال” عن الموضوع، لتداعيات يعلمها القاصي والداني، أسفرت عن ظهور عمارات بطوابق بدون رخصة، تابعة لمرقين عقاريين وهميين فضلا عن فيلات فاخرة وبنايات تفوق قيمتها الملايير، فكانت الانطلاقة من العاصمة وبالتحديد من برج الكيفان حيث يتذكر الكل قرار وصور الهدم التي أصدرت في حق بنايات بطوابق، بكل من الدار البيضاء وبرج الكيفان لأصحابها المرقين العقاريين الوهميين، وهي القضية التي أسالت الكثير من الحبر، لتتواصل عملية التطهير إلى بلديات العاصمة الأخرى والعملية مستمرة، كما شنت السلطات العمومية “الحرب” ذاتها، على بنايات غير شرعية بولاية بجاية ثم انتقلت إلى ولاية تيبازة، وبالتحديد بحي البلج الساحلي، أين تم تهديم بها 66 بناية بدون رخصة، والملفت بالمنطقة أن البناء وصل بها إلى مواقع قريبة من الشاطئ الذي تقلصت مساحاته، وتغلغل البعض إلى غاية الغابات المجاورة وصولا إلى غاية غابات شنوة في ظل الصمت المطبق وقتها من طرف السلطات المحلية، ويبقى الأمل قائما إلى غاية القضاء على الفوضى التي طغت على العقار بالجزائر، وشوهت معها حتى الطبيعة وصورها الجمالية الخضراء التي طالها الاسمنت
من جهتها، نشرت بلدية شرشال الساحلية في ولاية تيبازة بيان عبر صفحتها، تؤكد من خلاله استيلاء البعض على العقار أملا منهم أن تسوى وضعيتهم من خلال لقانون التسوية 08/ 15 بعدما استولوا على العقار حتى لا يطبق عليهم القانون بعدما أصبحت هوايتهم استغلال المساحات الشاغرة للبناء سواء للمكوث بها أو بيعها أو حتى استغلالها في فترات معينة من السنة
بنايات فوضوية تشكل خطرا على قاطنيها
وكان رئيس المجمع الوطني للمهندسين المعماريين عبد الحميد بوداود، قد أكد في تصريح سابق لـ”الشروق”، أن الجزائر تعيش فوضى عمران كبيرة، برزت للوجود فترة المندوبيات خلال التسعينات حيث منحت البلديات مساحات أرضية بعقود ورخص بمدة 3 سنوات والتجديد لعام، وأشار أنه يوجد مليون و200 ألف بناية غير مكتملة ومنها ما تنتظر التسوية عبر التراب الوطني، وقال المتحدث، أن أغلب هذه البنايات الفوضوية شيدت بطريقة عشوائية لا تحترم مقاييس السلامة وهي جد خطيرة على حياة المواطنين في حالة حدوث أي زلزال، وأشار في الأخير أن كل القوانين والمواد التي تصب في المراقبة، مغيبة سواء من طرف رئيس البلدية أو الوالي ولا حتى التقني، مشيدا وفي الوقت نفسه، بقرارات الهدم والإجراءات المسايرة لها بتعليمات من طرف السلطات العمومية
Echorouk Online
